الكف ما بلاطم مخرز
والمخرز هو أداة حادة جدا تشبه الابرة ولكن أثخن وأطول
الهدف من المثل: تأكيد مفهوم قانون الغاب الذي ينص على أن القوي يأكل الضعيف وأن أي محاولة من الضعيف (جسديا، من حيث العدة، من حيث العدد، من حيث القوة الاقتصادية أو الاعلامية أو غيرها من الأصعدة) هي محاولة فاشلة بدون أي جدوى وستذهب أدراج الرياح.
بل وتتعدى التفاهة ذلك حيث يمثل هذا القول الفكرة بأن كل من يحاول الوقوف في وجه التيار سيعاقب بأذى مؤلم وواضح كوضوح الجرح او الثقب الذي سيكون في الكف الذي يحاول ملاطمة المخرز
.
هذا المثل هو أحد المرادفات لأمثال كثيرة -للأسف الشديد- مثل : حط راسك بين هالروس وقول يا قطاع الروس... والقلة عمرها ما بتغلب الكثرة
عمليا، يمحي هذا المثل التشعب والتعقيد في السبب والنتيجة لأي معضلة ثنائية الأطراف (أو متعددة الأطراف) ويحصر كينونتها في زاوية واحدة.
ولاعادة توضيح التشعب هيا نحاول فصل المستويات المختلفة للموضوع
ان أي مشكلة تتحمل امكانيتين
1. النصر أوالاقناع، الفوز، ربح الموقف..
2. الخسارة
لكل من الأمرين الآنف ذكرهما عدة عوامل وعدة ترتبات
للأمر الأول:
أسباب النصر: للنصر أسباب عديدة تتعلق بماهية النصر، أي كونه نصرا عسكريا، سياسيا، أو حتى اقناع الطرف الآخر في جدال معين...فلكل ظرف أسبابه وعوامله التي تؤمن النجاح
الا أنها كلها تشترك في أن مريد النصر عليه أن يعقل ويتوكل أي أن عليه أن يأخذ بالأسباب ومن ثم يوكل أمره لله عز وجل
... .
أما الأمر الثاني: الخسارة
فأسبابه كثيرة وبعضها لا يكون بيد الانسان نفسه حتى وان حقق كل شروط النصر...فربما ارادة الله تعالى منعته لحكمة لا يعلمها سواه الا أن هنالك أمرا مهما يجب أن يتوفر حتى لا تكون الخسارة مدمرة ...هذا الأمر هو المحاولة والأخذ بالأسباب...فأحيانا النصر غير مهم بقدر الاصرار على الحق
وترك الحق هو بحد ذاته انهزامية
وتلك الانهزامية هي بالذات ما يرمي اليه هذا المثل الذي لا يخالف فقط المنطق الانساني والقيم المجتمعية المتفق عليها وانما يخالف في بعض من تأويلاته وترتباته آية كريمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين
سورة البقرة - آية 249
في النهاية....هذا المثل هو مثل استيطاني بحت، يقضي بتهويل المواقف حتى تخمد الهمم
والتحقير من شأن الامكانيات والمحاولات حتى تنهار العزائم
أيعقل أن يكون هذا هو التراث الذي نتغنى به أو هو مجرد كلام بائخ أوجدته ثلة من المتكاسلين الهاربين من صفوف المواجهة الحياتية بشتى أشكالها وأوهمتنا أن هذه الكومة من الكلمات هي الميراث الذي سنصمد بواسطته والذي سنحافظ به على هويتنا الذاتية ونمنع به ذوباننا في المجتمعات الأخرى؟؟؟؟
بالله علينا وعليكم
وبما أننا نرى ما نقول...دعونا نمحو ثانية هذا القول من مجموعة مفرداتنا اليومية....فنحن بالطبع لا نريد أن نرى يوما بعد آخر أي منظر يشعرنا بالقشعريرة المتواصلة
أحسن الله قولنا وقولكم لنراكم أبهى وأفضل