Monday, 24 January 2011

في قرية البرتقال الحزين

في قرية البرتقال الحزين -التي يخلو سكانها من الأطفال  - يوجد جدارٌ ضخم يلتفًّ حولَ نفسه , بعلوِّ شجرة الخرّوب التي زُرٍعَت قبل أن يحزن البرتقالُ بكثير. في الناحية الغربية لهذا الجدار يوجد بابٌ يكاد يكون أضخم منه، عليه قفل صدئ ونقطة دمٍ كبيرةٍ واحدة.

عندما كانت تعلم أي امرأة بحملها في القرية... كان نواح نساء القرية يمتد من الصباح الى المساء في الفترة الأولى للحمل، ويعود في الشهر التاسع.. فهن يحاولن مواساة الأم التي ستفقد وليدها تماماً بعد ليلة واحدة من وضعه.
وكان الأمر المحيّر أنه في كل مرةٍ يُفقد فيها مولودٌ أخر كانت نقطة الدم الأزلية الراسخة في الباب تكبرُ قليلاً  وتعود النساء للنواح.

بعد عشرين سنةٍ أو أكثر بقليل من المحاولات الفاشلة لحماية الأطفال من الضياع، هرمَ سكان القرية وباتوا يخافون من أن تبيد القرية بكاملها أو تختفي بعد موت كل سكانها.
قرر سكان قرية البرتقال الحزين الاجتماع ومحاولة ايجاد حلٍّ محفز لولادة  طفل حتى لا يندثر خبر القرية... فاجتمعوا تحت احدى أشجار البرتقال التي قل محصولها منذ العشرين سنة الماضية , وبدأوا يطرحون اقتراحات مختلفة لحل المشكلة.
فقال أحدهم أنه بامكانهم تبني أطفال من القرى المجاورة وجلبهم للسكن في القرية وقال آخر انهم يمكن أن  وثالث ادعى أن الحل يكمن في..
"حان وقت كسر الباب" ..
ما ان تكلم أبو حسن حتى اعتلت الصدمة وجوه الجميع.. فهو صامتٌ منذ حزن البرتقال..
"نعم.. حان الوقت... بعد بضع سنين لن يبقى حتى شجر البرتقال ليروي الحكاية".
"لا بد ان للباب علاقة في اختفاء الاطفال"
بعد فترة من الصمت
"اذا ذهبنا جميعا  سنتمكن من كسر الباب ولن يُفقد أيٌ منّا"... صمّم أبو حسن.. مشتّتا كل مخاوف أهل القرية

وقف أبو حسن وبدأ المسير فتبعه شخص آخر فآخر حتى قام الجميع وبدأوا بالمشي نحو الجدار.
عندما اقتربوا لاحظوا أن بقعة الدم بدأت تكبر أكثر فأكثر..خافوا قليلا وحاولوا التراجع الا أن أبو حسن طمأنهم.

فُتحَ الباب ... وفوجئت جميع النساء بوجوه أطفالها الضاحكة تلعبُ حول جنّةٍ من أشجار البرتقال..
نظر أبو حسن طويلا فرأى تلكَ البشرة بلون القمح الأسمر وفجأةً فهم...
مذ غادرَ حسن -بعد أن ضربه والده ضربا مبرحا لعودته من مناوبته النهارية في عمله كمتسول ومعه 50 قرشاً فقط.. وقتها وقعت بقعة دمٍ من دم ألم حسن على باب المنزل-، وأخذ معه ضحكات البرتقال، رفض جميع الأطفال العيشَ في قفر القرية الحزينة وسط تعتيم أهلها على الحادث... وكانوا ليلة مولدهم يسمعون صوتا يناديهم... فيدخلون جنة البرتقال
والآن.. بقعة الدم التي على الباب أصبحت أكبر وامتدت لتبتلع الجُرمَ والمجرم.. ولم يبقَ في القرية الاّ الأطفال والبرتقال الذي ما عاد حزيناً وبقايا لحطام جدار

آلاء أبو داود
24 - 01- 2011 (17:19)
حيفا - الكرمل



3 comments:

  1. السلام عليكم:)

    قصة روعة:) لكن لم أفهم النهاية لماذا اختفى الكبار وبقي فقط الأطفال؟

    هل القصة رمزية لم أستطع أن أحلل الام ترمز؟
    القصة يكتنفها الكثير من الغموض:)

    محبة:)

    ReplyDelete
  2. السلام عليكم,
    لقد تعمدتُ الرمزية في القصة لتفهمَ على عدة أوجه.
    قد يكون اختفاء الكبار فعليًا (القصة خيالية لذا فليس لقوانين الطبيعة الفيزيائية تأثير عليها) أي ان نقطة الدمِ التي تمثل جرمهم قد آذتهم بطريقة أو أخرى كعقاب لهم.
    وقد يكون اختفاؤهم رمزيا بمعنى فقدان اهمية وجودهم وتشديد اهمية تفكير الأطفال وبراءتهم.
    وللقصة أوجه كثيرة اخرى اترك امر تحليلها لكم :)

    والسلام

    ReplyDelete
  3. وكم من البرتقال حزن
    وكم من سيول الدم لم تحقق مطلبها
    نسأل الله العافية
    /
    جميلة يا عذبة

    مساؤكِ / صباحكِ رضى

    ReplyDelete