المثل: إذا انت أمير و أنا أميرمين بيسوق الحمير
الهدف: الاشارة الى أهمية تعدد المهن والحرف والتوجهات الصناعية
المشكلة في هذا المثل هو مشكلة لغوية لا أكثر ولا أقل، فهو كمعظم الأمثال والأساطير الفلسطينية، لا يجد مشكلة في استعمال كلمات قاسية ونابية أحيانا لايصال مضمون معين، وهذه بحد ذاتها ظاهرة يطول شرحها، وقد تطرق اليها الدكتور شريف كناعنة في كثير من كتبه مثل :
قول يا طير، الدار دار أبونا، وغيرها من الكتب
يمكن لهذه القسوة في التعبير ان تسبب سوء فهم أو شعور بالاهانة عوضا عن ايصال الهدف المرجو
يمكن لهذه القسوة في التعبير ان تسبب سوء فهم أو شعور بالاهانة عوضا عن ايصال الهدف المرجو
سأحاول أن اتغاضى هنا عن الشكل وأتطرق للمضمون، بدون أن أنسى تأكيد أن المثل كان يمكن ان يوصل ذات الفكرة بكلمات أكثر لباقة ودقة
مضمون المثل موضوعي جدا ، حيث أنه يشير الى حتمية التنوع في المهن، بالتالي، أي مهنة ضرورية هي مهنة محترمة ولائقة ولا غبار عليها
واقعنا الحالي يناقض مضمون هذا المثل للاسف
واقعنا الحالي يناقض مضمون هذا المثل للاسف
فالمجتمع قد صنف مهن محددة في دائرة الرقي وهمش المهن الأخرى.
المهن الرفيعة المستوى مثل الطب، الهندسة، وغيرها تعتبر بمعظمها وظائف في مؤسسات حكومية أو خاصة وليست مهن أو حرف يدوية
تصنيف المهن كان حسب عدة معايير عبر الزمن منها:
1. ندرة العاملين فيها - فقد ندر وجود الأطباء العرب خاصة في فلسطين مع ضرورتهم الملحة، فكانت مهنة الطبيب مثلا هي مهنة تفرض الاحترام والتقدير
2. صعوبة المهنة في ذاتها أو صعوبة الوصول اليها: بسبب العلامات أو المصروف المادي أو عدد السنوات اللازمة لاتقان المهنة
3. كون المهنة تحتاج تعليم عالي وأكاديمي
4. قيمة الراتب
5. سمو المهنة: كالتعليم أو التطبيب
الغريب في الأمر أن احترام مهنة معينة مثل التعليم قد قل مع الزمن رغم أن سمو المهنة ما زال هو ذاته الا أن سطحية النظرة للتعليم والضائقة المالية المحيطة بالمعلمين قد قللت من أهمية المهنة.
أحد أهم الترتبات على تهميش معظم الحرف والمهن هو كون أصحاب هذه المهن المهمشة فقدوا الرغبة بالابداع وتطوير المهنة وامكانياتها
المختلفة
مثلا: النجار او الحداد أو المعلم أو حتى البناء، أصبح ينظر الى المهنة بحد ذاتها كمهنة عادية وكمصدر رزق لا غير وألغى أي امكانية لتحسينها
كذلك، معظم أصحاب الحرف اليدوية ربطوا امتهانهم لها بعدم الحاجة حتى للتعليم الأساسي (حتى المرحلة الثانوية) وبعدم الحاجة للثقافة العامة
مع أن أي مهنة يمكن توسيع آفاقها بواسطة التعليم المدرسي، الأكاديمي والذاتي
بالاضافة لذلك، فان أصحاب المهن المحترمة، أحسوا بعدم الحاجة لتطويرها وتحسينها، فقد ربحوا التقدير والاكتفاء الذاتي بمجرد كونهم اتخذوها كمهنة لهم
فأصبحنا نعاني مجتمعا كسولا قليل الطموح وغير مهتم بالابداع أو التجديد أو الاتقان حتى
ما أراه ويؤكده المثل الشعبي هو أن كل مهنة هي مهنة مهمة، والتقدير الذي يناله صاحبها يجب أن يتعلق بمدى اتقانه وتفانيه فيها، وبمدى تطويره لها
لا بمعايير مادية أو فوقية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه
لم يحدد الرسول الكريم عملا واحدا أو عدة أعمال، بل أعم الاتقان على جميع الأمور الحياتية بما يتضمن كل المهن
عندها، وعندها فقط، يرتقع المجتمع ككتلة واحدة، وليس كأفراد وأطراف
لم يحدد الرسول الكريم عملا واحدا أو عدة أعمال، بل أعم الاتقان على جميع الأمور الحياتية بما يتضمن كل المهن
عندها، وعندها فقط، يرتقع المجتمع ككتلة واحدة، وليس كأفراد وأطراف
والسلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ReplyDeleteالغالية آلاء...
ها قد عدت لأقرأ تدويناتك كما وعدتك:)
وجذبتني جدا من بينها (على روعة أفكارك فيها جميعا)، هذه السلسلة " تصحيح المفاهيم"،
وما تطرقت اليه هنا،هي مشكلة عميقة من واقع مجتمعنا،وباعتقادي أن مشكلتنا بالأساس هي مشكلة تربية، فالطفل يكبر محبا لمهنة معينة لأن أهله زرعوا في نفسه محبتها،وأهله قبله يفضلون هذه المهنة، ويرغبونها لابنهم، ويحلمون باليوم الذي يمارسها فيه، لأن نظرتهم بالأساس هي مادية، وكل الأمور تتصل ببعضها بعد ذلك:معاشك أعلى،الناس بتحترمك أكثر،الك مكانة في المجتمع، شغلك محترم، الكل بتمنى يكون زيك"فلان راح وأجا"ـ
نعم، فالمشكلة كل المشكلة تنبع من منهج التربية، والأفكار التي تُملأ في عقول الناشئة،ويبقى المميزون هم من ساروا ضد التيار، لا لقصور في القدرات لديهم، انما هي بصيرة ووعي، "أنا لماذا خلقت، وما هو أنسب ما يمكن لي أن أخدم أمتي به"، لا البحث عن مدح فلان واعجاب علان، من أصحاب النظرة السطحية، حتى لو كان ذلك على حساب راحتي وسعادتي !ـ.
دمت بخير
تابعي
وتدويناتك هذه تستحق التعميم :)